السلطانة صفية تُعَدّ واحدة من أكثر نساء البلاط العثماني إثارة للجدل، ليس فقط بسبب نفوذها الكبير على السلطان مراد الثالث، بل أيضًا بسبب ما نُسب إليها من علاقة مالية وسياسية مع جمهورية البندقية. فالمصادر الأوروبية في القرن السادس عشر، خصوصًا تقارير السفراء ، أشارت إلى أنّ البندقية كانت تعتمد على صفية كـ"وسيط داخل القصر"، وأنها حصلت على هدايا وذهب مقابل دعم المصالح التجارية الفينيسية في البحر المتوسط
المؤرخ الفرنسي دومون وصفها بأنها "جاسوسة في ثياب سلطانة"، معتبرًا أن نفوذها تجاوز حدود الحريم إلى دهاليز السياسة الخارجية. بعض الوثائق الفينيسية التي درسها المؤرخ الإيطالي فرانشيسكو غابرييلي تذكر أن صفية كانت تتلقى بانتظام هدايا من الحرير والذهب والنقود من السفراء، وأنها ردّت الجميل بتسهيل عقود توريد الحبوب والتجارة البحرية.
لكن من الجانب العثماني، فإن هذه الاتهامات بقيت مثار جدل كبير. فالمصادر العثمانية الرسمية لم تسجّلها بوضوح، بل ركّزت على مكانة صفية كـ"والدة السلطان" (بعد جلوس ابنها محمد الثالث على العرش) ودورها في إدارة الأوقاف والبلاط. بعض المؤرخين الأتراك المعاصرين، مثل إيلبر أورطايلي، يشير إلى أن روايات السفراء الأوروبيين غالبًا ما كانت مبالغًا فيها، إذ كانوا يسعون لتبرير إنفاق أموال البندقية في الرشاوى بالادعاء أنهم اشتروا نفوذًا كبيرًا داخل القصر.
ورغم غياب الدليل القاطع، إلا أن سمعة السلطانة صفية تضررت بسبب هذه المزاعم، خصوصًا أن البلاط العثماني كان في تلك الفترة مسرحًا لصراعات "الحريم" والخصيان، ما جعل أي اتهام يجد أرضية خصبة للتداول.
السلطانة صفية (1548 – 1619)، زوجة السلطان مراد الثالث ووالدة السلطان محمد الثالث، تُعدّ من أبرز الشخصيات النسائية في مرحلة "سلطنة الحريم" داخل الدولة العثمانية. جمالها ودهاؤها السياسي جعلاها محط أنظار السفراء الأوروبيين وكتابات المؤرخين، لكن في المقابل ارتبط اسمها بسلسلة طويلة من الفضائح والاتهامات التي طبعت سمعتها، حتى بعد وفاتها.
فيما يلي نستعرض أكثر 10 فضائح كبرى نُسبت إليها، كما رواها المؤرخون العثمانيون والأوروبيون
الذهب الفينيسي والرشاوى الأوروبية
أبرز فضائح صفية هي اتهامها بتلقي ذهب وهدايا من البندقية مقابل دعم مصالحها التجارية والسياسية داخل البلاط. تقارير السفراء الفينيسيين أكدت أنها كانت "البوابة السرية" لأي صفقة، حتى أن المؤرخ الفرنسي درومون وصفها بـ"الجاسوسة في الحريم".
شبكة النفوذ داخل الحريم
يُقال إنها أدارت شبكة معقدة من الخصيان والجواري للتجسس على الوزراء وحتى على السلطان نفسه. المؤرخ التركي أحمد رفعت أشار إلى أن صفية كانت تستعمل الجواري لنقل المعلومات، ما جعلها تُتهم بتحويل الحريم إلى "جهاز مخابرات خاص".
التحكم في السلطان مراد الثالث
انتقد مؤرخون عثمانيون مثل مصطفى علي سيطرتها الكاملة على السلطان مراد الثالث، حتى قيل إنها كانت تمنعه أحيانًا من حضور جلسات الديوان. هذا التدخل عُدّ "فضيحة سياسية" أضعفت هيبة الدولة في نظر رجال الإدارة.
فضيحة الإكثار من الجواري
اتهمها بعض المعاصرين بأنها كانت تشجع السلطان مراد الثالث على الإكثار من الجواري والعشيقات حتى تضمن انشغاله عن السياسة، وبالتالي تبقى هي صاحبة القرار غير المعلَن.
مؤامرة ولاية العهد
يُذكر أن صفية كانت وراء إقصاء بعض أبناء مراد الثالث الآخرين من المنافسة على العرش لصالح ابنها محمد. يُقال إنها تآمرت مع الخصيان السود لاغتيال بعض الأمراء أو توريطهم في فضائح سلوكية.
علاقتها الغامضة بالبندقية بعد أن أصبحت والدة السلطان
حتى بعد وفاة مراد الثالث وجلوس ابنها محمد الثالث، استمرت الشكوك في أنها كانت على اتصال سري بسفراء البندقية. بعض المصادر الإيطالية ذكرت أنها تقاضت أموالًا مقابل التأثير على قرارات الدولة.
حادثة إرسال الهدايا سرًا
تحدثت سجلات أرشيفية عن أن صفية كانت ترسل الهدايا الثمينة – من جواهر وقماش – إلى تجار أوروبيين من داخل القصر، وهو ما اعتبر فضيحة كبرى لأنها جمعت بين النفوذ السياسي والصفقات التجارية الخاصة.
صراعها مع السلطانة "هدام" (أو بعض الجواري النافذات)
دارت فضائح كثيرة حول صراعات صفية مع نساء أخريات في القصر، حيث اتهمت باستخدام السمّ والاغتيالات السرية للتخلص من منافساتها. هذه الاتهامات تضاعفت بعد وفاة مفاجئة لبعض الجواري المقربات من السلطان.
إنفاقها المفرط من خزينة الدولة
المؤرخ العثماني نعمان زاده وصفها بأنها "مبذّرة"، إذ أنفقت أموالًا طائلة على بناء أوقاف ومساجد باسمها، ولكن في الوقت نفسه اتُّهمت بتمويل شبكة نفوذها الخاصة على حساب بيت المال.
سمعتها في البلاطات الأوروبية
في تقارير السفراء الفرنسيين والإسبان، كانت صفية تُصوَّر على أنها "امرأة جشعة، لا تتحرك إلا بالذهب". هذه الصورة المثيرة للفضيحة جعلتها مادة متكررة في كتابات الأوروبيين، حتى صارت رمزًا للتدخل النسوي المفسد في الحكم العثماني.
🔹 الخلاصة
فضائح السلطانة صفية تكشف الوجه الآخر لمرحلة "سلطنة الحريم"، حيث تحوّلت السلطانات من مجرد زوجات وأمهات إلى لاعبات أساسيات في السياسة. سواء أكانت هذه الفضائح حقيقية أم نتاجًا للمبالغات الأوروبية، فإنها رسمت صورة مشوهة للبلاط العثماني، وأظهرت هشاشة التوازن بين القصر والحكم والدبلوماسية.
0 commentaires:
Publier un commentaire