un

astuces

Blogroll

vendredi 25 avril 2025

الإمبراطورة إليزابيث (سيسي): حياة مليئة بالجمال، القيود، والسياسات الصارمة

 إليزابيث، المعروفة بلقب "سيسي"، إمبراطورة النمسا وملكة المجر .. تُعدّ واحدة من أكثر الشخصيات التاريخية إثارة للاهتمام في القرن التاسع عشر. وُلدت الدوقة إليزابيث أمالي أوجيني في بافاريا، وأصبحت إمبراطورة بالزواج من الإمبراطور فرانز جوزيف الأول في سن السادسة عشرة. اشتهرت بجمالها الأسطوري، وهوسها بالحفاظ على مظهرها من خلال نظام غذائي قاسٍ وروتين صارم للعناية بالشعر والجسم. كما كان لها دور سياسي بارز، خاصة في تعزيز العلاقات مع المجر، مما أدى إلى إنشاء الإمبراطورية النمساوية-المجرية عام 1867. لكن حياتها لم تكن مجرد بريق الجمال والسلطة؛ فقد عانت من قيود البلاط الإمبراطوري، وفقدان الأحباء، وصراعات داخلية جعلتها رمزًا للتناقض بين الحرية الشخصية والواجب الملكي. يتناول هذا التقرير حياة سيسي، مع التركيز على هوسها بالجمال، سياساتها الصارمة للعناية بمظهرها، دورها السياسي، وتأثيرها الثقافي



أوَّلًا النشأة والزواج: بداية حياة مقيدة 

وُلدت إليزابيث في 24 ديسمبر 1837 في ميونيخ، ضمن عائلة ويتيلسباخ البافارية الملكية. نشأت في بيئة غير رسمية نسبيًا، حيث كانت تحب ركوب الخيل، الطبيعة، والحياة البسيطة بعيدًا عن التقاليد الملكية الصارمة. هذه الحرية شكلت شخصيتها المنفتحة والمتمردة، لكنها اصطدمت بواقع مختلف عند زواجها من فرانز جوزيف الأول عام 1854. كانت إليزابيث في السادسة عشرة فقط، ولم تكن مستعدة للحياة الرسمية في بلاط هابسبورغ في فيينا. وجدت نفسها محاصرة ببروتوكولات صارمة وتوقعات ثقيلة، خاصة من حماتها، الأرشيدوقة صوفي، التي سيطرت على حياتها وحتى تربية أطفالها



أنجبت إليزابيث أربعة أطفال: صوفي (توفيت في طفولتها)، جيزيلا، رودولف، وماري فاليري. خسارة ابنتها صوفي في سن الثانية كانت صدمة كبيرة لها، وأثّرت على علاقتها بالبلاط. كما عانت من الضغوط النفسية والجسدية، مما دفعها للهروب إلى المجر في كثير من الأحيان، حيث وجدت بيئة أكثر استرخاءً وتقبلاً لشخصيتها. هذه الزيارات مهدت لعلاقتها العميقة مع الشعب المجري، وهو ما أثر لاحقًا على دورها السياسي

ثانِيًا هَوَس الجمال: الجوع من أجل الكمال

اشتهرت إليزابيث بجمالها اللافت، الذي كان مزيجًا من ملامحها الطبيعية وجهودها المضنية للحفاظ عليه. كانت مهووسة بالحفاظ على قوامها النحيف، حيث لم يتجاوز وزنها 47 كجم طوال حياتها، رغم طولها البالغ 172 سم. اتبعت نظامًا غذائيًا قاسيًا، غالبًا ما اقتصر على الحليب، عصير البرتقال، أو "ماء اللحم" (مرق خفيف). في بعض الأيام، كانت تتناول القليل جدًا من الطعام، مما يُعتبر اليوم شكلاً من أشكال اضطراب الأكل. كانت هذه الحمية تهدف إلى الحفاظ على خصرها النحيف الشهير، الذي لم يتجاوز 50 سم، وكانت ترتدي الكورسيهات الضيقة لتعزيز هذا المظهر.


لم تكن إليزابيث تحب المكياج أو العطور القوية، مفضلة إبراز جمالها الطبيعي. لكنها استخدمت العديد من مستحضرات التجميل الطبيعية، مثل أقنعة الوجه المصنوعة من المكونات البسيطة، وكانت تُجرّب منتجات مُعدّة خصيصًا في صيدلية البلاط. كما كانت تخشى علامات التقدم في السن، فتجنبت التصوير الفوتوغرافي بعد سن الثلاثين، وكانت تخفي وجهها خلف مظلة أو مروحة. هذا الهوس بالجمال لم يكن مجرد نزوة، بل كان وسيلة للتعبير عن هويتها في عالم شعرت فيه بالاختناق.

ثالِثًا العناية بالشعر: تاجُ سيسي الحقيقي!

كان شعر إليزابيث، الذي وصل إلى كاحليها، أحد أبرز سمات جمالها. كانت تعتني به بعناية فائقة، حيث استغرق تمشيطه وتصفيفه ساعتين يوميًا. استخدمت خلطات خاصة مثل البيض والكونياك والعسل لتغذيته وإضفاء اللمعان عليه. كان شعرها ثقيلًا لدرجة أنه تسبب أحيانًا في الصداع، وكانت تستخدم نجمات شعر مرصعة بالألماس واللؤلؤ لتزيينه، صنعتها صائغ المجوهرات إي. إي. كوشيرت. في إحدى تصريحاتها، قالت إليزابيث إن تصفيف شعرها يُبقي عقلها "خاملًا"، مما يعكس الصراع الداخلي بين رغبتها في الحفاظ على جمالها والشعور بأن ذلك يُضعفها فكريًا.


كانت عملية تصفيف الشعر طقسًا يوميًا، حيث كانت تجلس على طاولة مغطاة بقماش أبيض، وشعرها ملفوف حول جسدها. هذه العناية المفرطة جعلت شعرها رمزًا للأنوثة والقوة، لكنه كان أيضًا عبئًا نفسيًا وجسديًا. أهدت إليزابيث بعض نجمات شعرها لوصيفاتها، وبعضها تناقلته العائلة عبر الأجيال، مما يُظهر أهمية هذا الجانب من شخصيتها.


رابِعًا اللياقة البدنية: روتين صارم للجسم!

إلى جانب نظامها الغذائي، كانت إليزابيث رياضية متحمسة. مارست ركوب الخيل، السباحة، وتمارين اللياقة البدنية يوميًا، وكانت تُعتبر أفضل فارسة في عصرها. كانت تمشي لمسافات طويلة، وأحيانًا كانت خادماتها يتبعنها بعربة لعدم قدرتهن على مجاراتها. أقامت صالات رياضية في قصورها، مزودة بمعدات مثل الحلقات والأوزان، وهو أمر غير معتاد لامرأة في تلك الفترة. كانت هذه الرياضات وسيلة للحفاظ على قوامها، ولكنها أيضًا تعبير عن رغبتها في التحرر من قيود البلاط.


كانت إليزابيث تتجنب الأطعمة الثقيلة، لكنها سمحت لنفسها باستثناءات نادرة، مثل الآيس كريم البنفسجي من ديميل، وكعكة زاخر الشهيرة من فندق زاخر في فيينا. هذه الاستثناءات كانت لحظات نادرة من المتعة في حياة مليئة بالانضباط الصارم

خامِسًا الدور السياسي: ملكة المجَرّ المحبوبة !

على الرغم من هوسها بالجمال، كانت إليزابيث شخصية سياسية مؤثرة. طورت علاقة عميقة مع المجر، على عكس حماتها صوفي التي احتقرت المجريين. تعلمت إليزابيث اللغة المجرية، وأظهرت تعاطفًا مع الشعب المجري، مما جعلها محبوبة لديهم. لعبت دورًا حاسمًا في التفاوض على إنشاء النظام الملكي المزدوج للنمسا-المجر عام 1867، والذي منح المجر استقلالًا نسبيًا ضمن الإمبراطورية. هذا الإنجاز عزز مكانتها كملكة محبوبة، وما زالت صورها تُزين المنازل المجرية حتى القرن العشرين، كما وصف الكاتب باتريك لي فيرمور عام 1934.


كانت إليزابيث تُفضل قضاء الوقت في المجر على فيينا، حيث شعرت بحرية أكبر. هذا الارتباط العاطفي والسياسي جعلها رمزًا للوحدة بين النمسا والمجر، رغم أنها لم تكن مهتمة كثيرًا بالسياسة اليومية. كانت ترى دورها كجسر ثقافي وسياسي، وهو ما عزز إرثها في المجر.


سادِسًا الحياة الشخصية: بين الحزن والتمرد!

على الرغم من مكانتها، كانت حياة إليزابيث مليئة بالمآسي. وفاة ابنتها صوفي، انتحار ابنها رودولف عام 1889، واغتيالها عام 1898 على يد أناركي إيطالي في جنيف، كلها أحداث شكلت حياتها. كانت تعاني من الاكتئاب والشعور بالعزلة، خاصة بعد سيطرة حماتها على أطفالها. علاقتها بفرانز جوزيف كانت معقدة؛ فقد أحبها بشدة، لكنها شعرت دائمًا بأنها محبوسة في قفص ذهبي.

هربت إليزابيث من هذه الضغوط بالسفر المتكرر، خاصة إلى اليونان وكورفو، حيث بنت قصر أخيليون ليعكس حبها للثقافة اليونانية. كتبت الشعر، وأعربت عن مشاعرها في قصائد تعكس حزنها وشوقها للحرية. كانت شغوفة بالثقافة، وتأثرت بشخصيات مثل هاينريش هاينه.

سابعًا الاغتيال والنهاية المأساوية!

في 10 سبتمبر 1898، أُغتيلت إليزابيث في جنيف على يد لويجي لوكيني، أناركي إيطالي، الذي طعنها بسكين رفيعة. لم تشعر إليزابيث بالإصابة في البداية، لكنها توفيت بعد ساعات. كان اغتيالها صدمة لأوروبا، خاصة لفرانز جوزيف الذي تأثر بشدة. دفنت في كنيسة الكبوشيين في فيينا، وأصبحت رمزًا للجمال والمأساة.

ألهمت إليزابيث العديد من الأعمال الفنية، بما في ذلك سلسلة أفلام سيسي الشهيرة بطولة رومي شنايدر، والمسلسل التلفزيوني "الإمبراطورة" (2022). تمثالها في كورفو وقصر أخيليون ما زالا يجذبان الزوار. كما أن قصتها تُروى كرمز للصراع بين الجمال والواجب، مما جعلها أيقونة ثقافية.

أخيرًا

إليزابيث، أو سِيسي، كانت شخصية معقدة، جمعت بين الجمال الأسطوري، الانضباط القاسي، والروح المتمردة. نظامها الصارم للعناية بشعرها وجسدها عكس هوسها بالكمال، لكنه كان أيضًا وسيلة للهروب من قيود البلاط. دورها السياسي في المجر عزز إرثها، لكن مآسيها الشخصية جعلتها رمزًا للتناقض بين الحرية والواجب. تبقى سيسي واحدة من أكثر الشخصيات إلهامًا في التاريخ الأوروبي.




0 commentaires:

Publier un commentaire