un

astuces

Blogroll

vendredi 25 avril 2025

سيدات تونس الأوائل: زوجات الرؤساء منذ الاستقلال إلى اليوم

 تُعدّ سيدة تونس الأولى، وهي زوجة رئيس الجمهورية التونسية، شخصية رمزية تؤدي دورًا بروتوكوليًا في قصر قرطاج وخلال الزيارات الرسمية، رغم أنها لا تحمل لقبًا رسميًا ولا تتمتع بمهام دستورية محددة. منذ استقلال تونس في 20 مارس 1956، تعاقب على رئاسة الجمهورية سبعة رؤساء، رافقهم ثماني سيدات أوليات، بعضهن تركن بصمة واضحة في المشهد السياسي والاجتماعي التونسي، بينما آثرت أخريات الابتعاد عن الأضواء. هذا التقرير يستعرض مسيرة كل سيدة أولى، دورها، تأثيرها، والسياق التاريخي الذي عاشت فيه، بدءًا من عهد الحبيب بورقيبة حتى الرئيس الحالي قيس سعيّد



أوّلًا . موفيدا بورقيبة  سيدة تونس الأولى بين (1956 و 1962).

كانت موفيدا بورقيبة، المولودة باسم ماتيلد لوران عام 1890، أول سيدة أولى في تونس المستقلة. تزوجت من الحبيب بورقيبة في 1940، قبل الاستقلال، وكانت رفيقة دربه خلال نضاله ضد الاستعمار الفرنسي. كانت موفيدا فرنسية الجنسية، مما أثار جدلًا في الأوساط الوطنية آنذاك، لكنها اختارت الانحياز للقضية التونسية، ودعمتْ بورقيبة في مسيرته السياسية. بعد الاستقلال، أصبحتْ سيدة تونس الأولى رسميًا عندما أُعلن بورقيبة رئيسًا في 25 جويلية 1957، بعد إلغاء النظام الملكي الحسيني.

لم تكن موفيدا شخصية عامة بارزة، إذ فضّلت البقاء بعيدة عن الأضواء، لكنها كانت رمزًا للدعم العائلي لبورقيبة في مرحلة بناء الدولة الحديثة. ساهمت بشكل غير مباشر في دعم سياسات زوجها، خاصة تلك المتعلقة بحقوق المرأة، مثل إصدار مجلة الأحوال الشخصية في 1956، التي منحتْ المرأة التونسية حقوقًا غير مسبوقة في العالم العربي، مثل المساواة في الزواج والطلاق وحظر تعدد الزوجات. انتهى زواجها من بورقيبة بالطلاق في 1961، بعد أن أنجبتْ لبورقيبة ابنه الحبيب الابن . توفيت موفيدا في  1976 ، تاركة إرثًا هادئًا كأول سيدة أولى في تونس.

و كان بورقيبة يزور زوجته الأولى التي حافظت على وِدِّها له إلى أن تُوفيت ودفنت في تربة آل بورقيبة في مدينة المنستير.

ثانِيًا وسيلة بن عمار سيدة تونس الأولى بين (1962 و 1986) .

وسيلة بن عمار، المولودة في 1912 ، أصبحت سيدة تونس الثانية عندما تزوّجتْ من الحبيب بورقيبة في 1962.تزوّجها في 12 أفريل 1962 بعد أن طلّق كل واحد منهما قرينه السابق، حيث أن القانون التونسي يمنع تعدد الزوجات. وقد عاشت معه أكثر من أربعة وعشرين عاما كانت تلقب خلالها بـالماجدة. كانت وسيلة ابنة عائلة تونسية ميسورة، ونشأت في بيئة متفتحة. لعبتْ وسيلا دورًا بارزًا في الحياة السياسية، خاصة مع تقدّم بورقيبة في السنّ وتدهور صحّته. كانت تُعرف بقوتها وتأثيرها الكبير، حتى أن البعض وصفها بـ"المرأة الأقوى في العالم العربي" في الثمانينيات.

خلال فترة رئاسة بورقيبة، التي امتدت من 1957 إلى 1987، شهدت تونس تحولات اجتماعية واقتصادية كبيرة، وكانت وسيلة داعمة لسياسات زوجها في مجال تحرير المرأة. لكن تأثيرها لم يخلُ من الجدل؛ فقد اتهمت بالتدخل المباشر في الشؤون السياسية، بما في ذلك تعيين وإقالة مسؤولين كبار، وفرض نفوذها على قرارات الدولة. من أبرز المواقف التي اشتهرت بها معارضتها لاتفاق الوحدة بين تونس وليبيا في 1974، والذي وقّع في جزيرة جربة، حيث رأت أن هذا الاتفاق قد يهدد سيادة تونس.

استمر زواجها من بورقيبة حتى 1986، عندما طلقها بعد أن أصبحت علاقتهما متوترة بسبب نفوذها المتزايد وسوء إدارة بعض الملفات السياسية. هاجرت وسيلة إلى باريس بعد الطلاق، وابتعدت عن الحياة العامة. توفيت في 1999، لكنها تظل واحدة من أكثر السيدات الأوليات تأثيرًا في تاريخ تونس، رغم الآراء المتباينة حول دورها.

ثالِثًا. نعيما الكافي سيدة تونس الأولى بين(1987و 1988) ..

بعد عزْل الحبيب بورقيبة في 7 نوفمبر 1987 بسبب تدهور حالته الصحية، تَولَّى زين العابدين بن علي الرئاسة. كانت نعيما الكافي، التي تزوجها بن علي في 1964، سيدة تونس الأولى الأولى في عهده. كانت نعيمة أُمًا لثلاث بنات من بن علي، لكن دورها كسيدة أولى كان محدودًا للغاية، حيث لم تظهر بشكل بارز في المشهد العام.

في تلك الفترة، كان بن علي يسعى لتثبيت سلطته بعد "الانقلاب الطبي" على بورقيبة، وكانت الأولوية لتعزيز صورته كرئيس إصلاحي. لم تُعرف نعيمة بأي نشاط سياسي أو اجتماعي ملحوظ، وسرعان ما انتهى زواجها من بن علي بالطلاق في 1988، بعد أقل من عام من توليه الرئاسة. ابتعدت نعيمة عن الأضواء تمامًا بعد ذلك، ولم تترك أثرًا كبيرًا كسيدة أولى، لكنها تُعدّ جزءًا من المرحلة الانتقالية في تاريخ تونس السياسي.

رابِعًا. ليلى الطرابلسي سيدة تونس الأولى بين(1992 و 2011) ..

تُعدّ ليلى الطرابلسي، زوجة زين العابدين بن علي الثانية، واحدة من أكثر السيدات الأوليات إثارة للجدل في تاريخ تونس. تزوجتْ من بن علي في 1992، وأصبحت سيدة تونس الأولى حتى فرارهما من البلاد في 14 جانفي 2011 إثر الثورة التونسية. كانت ليلى، المولودة في 1957، ابنة عائلة متواضعة قبل زواجها من بن علي. أنجبت منه ثلاثة أبناء، وسرعان ما أصبحت رمزًا للسلطة والنفوذ.

خلال فترة حكم بن علي، التي امتدت لـ23 عامًا، شهدت تونس استقرارًا نسبيًا على المستوى الاقتصادي، لكن النظام اتُّهم بتفشي الفساد والقمع. كانت ليلى في قلب هذه الاتهامات، حيث أدارت مع عائلتها، المعروفة بـ"عائلة الطرابلسي"، شبكة واسعة من الأعمال التجارية، وسيطرت على قطاعات اقتصادية حيوية. اتهمت بالتدخل المباشر في شؤون الدولة، وفرض نفوذها على القرارات السياسية والاقتصادية، مما جعلها مكروهة من الشعب التونسي.

بعد الثورة، فرّت ليلى مع زوجها إلى المملكة العربية السعودية، حيث لا يزالان يعيشان هناك حتى اليوم (أفريل 2025). تركت ليلى إرثًا سلبيًا كسيدة أولى، حيث أصبحت رمزًا للفساد والاستبداد، وكان دورها أحد العوامل التي أشعلت غضب التونسيين ضد نظام بن علي.



 خامِسًا .لِيلِيَا المْبَزَّعْ سيدة تونس الأولى في (2011)


عندما تَولَّى فؤاد المْبَزَّعْ الرئاسة المؤقتة بعد فرار بن علي في 14 جانفي 2011، أصبحت زوجته لِيلِيَا المْبَزَّعْ سيدة تونس الأولى. استمر حكم المبزع حتى 13 ديسمبر 2011، وكان دوره انتقاليًا لتهيئة البلاد لانتخابات ديمقراطية. لم تكن لِيلِيَا شخصية عامة بارزة، ولم يُعرف عنها أي نشاط سياسي أو اجتماعي خلال هذه الفترة القصيرة.


كانت تونس في تلك المرحلة تعيش حالة من الفوضى والتحولات الكبرى بعد الثورة، وكان التركيز منصبًا على إعادة بناء المؤسسات الديمقراطية. لِيلِيَا مثل زوجها، لم تترك بصمة واضحة كسيدة أولى، لكن وجودها كان رمزيًا في مرحلة انتقالية حساسة.


سادِسًا . بياتريس راين سيدة تونس الأولى بين (2011 و 2014).


بعد انتخاب منصف المرزوقي رئيسًا مؤقتًا في 13 ديسمبر 2011، أصبحت زوجته الطبيبة الفرنسية  بياتريس راين سيدة تونس الأولى. استمر حكم المرزوقي حتى 31 ديسمبر 2014، وكان عهده جزءًا من المرحلة الانتقالية بعد الثورة. بياتريس فضّلَتْ الابتعاد عن الأضواء، لكنّها دعمتْ زوجها في جهوده لتثبيت الديمقراطية في تونس.


اختارت بياتريس أن تُرَكز على حياتها المهنية بعيدًا عن الساحة السياسية، ولم تظهر إلى جانب زوجها الرئيس منصف المرزوقي إلا بعد مرور عامين على توليه الرئاسة. كانت أول ظهور علني لها في 4 يوليو 2013، خلال زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند وزوجته فاليري تريفلير إلى تونس، حيث رافقت زوجها في حفل استقبالهما. كما ظهرت مرة أخرى في 14 أغسطس 2015، عندما رافقت المرزوقي إلى فرنسا للمشاركة في إحياء الذكرى السبعين لعملية دراغون في مدينة تولون.


بياتريس لم تكن نشطة سياسيًا، لكنها كانت رمزًا للاستقرار العائلي للمرزوقي خلال فترة مضطربة. بعد انتهاء ولاية زوجها، عادت بياتريس إلى حياتها المهنية بعيدًا عن السياسة.




سابِعًا. شاذليّا السِّبسي  سيدة تونس الأولى بين (2014 و 2019) ..


عندما توَلَّى الباجي قائد السِّبسي الرئاسة في 31 ديسمبر 2014، أصبحت زوجته شاذلِيّا السِّبسي سيدة تونس الأولى.وهي محامية وسياسية تونسية.. كان السبسي أول رئيس منتخب ديمقراطيًا بعد الثورة، واستمر حكمه حتى وفاته في 25 جويلية 2019. شاذلِيّا ، المولودة في 1937، كانت أُمًا لأربعة أبناء، وكانت معروفة بأناقتها ودعمها الهادئ لزوجها.


خلال فترة حكم السِّبسي، شهدتْ تونس تقدُّمًا في تعزيز حقوق المرأة، مثل إقرار قانون مكافحة العنف ضد المرأة في 2017، والسماح للمرأة التونسية بالزواج من غير المسلم. شاذليّا السِّبسي لم تتدخل بشكل مباشر في السياسة، لكنها كانت حاضرة في المناسبات الرسمية، وأدّت دورًا بروتوكوليًا بكفاءة. ورَدَ أنها لم تكن مرتاحة لفكرة الانتقال إلى قصر قرطاج الرئاسي بسبب بُعده عن أسرتها.  لكنها تُذكر كسيدة أولى أنيقة ومتواضعة.تُوُفيت شاذليّا السِّبسي  إثر نوبة قلبية في 15 سبتمبر 2019 عن عمر ناهز 83 عامًا، وذلك بعد أقل من شهرين من وفاة زوجها، وفي نفس اليوم الذي جرت فيه الانتخابات الوطنية لاختيار خليفة دائم للرئيس السبسي.


ثامِنًا. إشراف سْعَيِّدْ سيدة تونس الأولى منذ 2019 و حتّى اليوم)..


مع تَوَلِّي قيس سْعَيِّدْ الرئاسة في 23 أكتوبر 2019، أصبحت زوجته إشراف سْعَيِّدْ سيدة تونس الأولى . إشراف، وهي قاضية وأستاذة جامعية، معروفة بشخصيتها المستقلة وابتعادها عن الأضواء. لم تظهر إشراف بشكل كبير في المناسبات العامة، مفضلة التركيز على عملها المهني وعائلتها.


خلال فترة حكم قيس سعيّد، واجهت تونس تحديات سياسية واقتصادية كبيرة، خاصة بعد قرارات 25 جويلية 2021، التي تضمنت تجميد البرلمان وتعديل الدستور. إشراف لم تتدخل في هذه الأحداث، لكن وجودها كسيدة أولى يعكس اختيار سْعَيِّدْ للحفاظ على صورة عائلية بعيدة عن التدخل السياسي. حتى اليوم، تظل إشراف رمزًا للتواضع والابتعاد عن السلطة.


أخيرًا منذ الاستقلال إلى اليوم، لعبتْ سيدات تونس الأوائل أدوارًا متنوعة، بعضهن كنّ مؤثرات بشكل مباشر مثل وسيلة بن عمار وليلى الطرابلسي، بينما آثرت أخريات الابتعاد عن الأضواء. تعكس مسيرة هؤلاء السيدات تطور المشهد السياسي والاجتماعي في تونس، من مرحلة بناء الدولة الحديثة إلى التحولات الديمقراطية بعد الثورة. على الرغم من غياب دور دستوري محدد للسيدة الأولى، فإن تأثيرها يبقى مرتبطًا بشخصيتها وسياق عهد زوجها، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من تاريخ تونس المعاصر.

0 commentaires:

Publier un commentaire