un

astuces

Blogroll

mardi 29 avril 2025

عشرة فوارق بين الأميرة إيمان بنت عبد الله الثاني والأميرة سلمى بنت عبد الله الثاني

 الأميرة إيمان بنت عبد الله الثاني (مواليد 27 سبتمبر 1996) والأميرة سلمى بنت عبد الله الثاني (مواليد 26 سبتمبر 2000) هما ابنتا جلالة الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا العبد الله، وهما جزء من العائلة الهاشمية التي تحكم الأردن منذ عام 1921. كلتا الأميرتين تمثلان الجيل الجديد من العائلة المالكة الأردنية، حيث تجمعان بين التقاليد الملكية والقيم الحديثة. وعلى الرغم من أوجه التشابه بينهما، مثل التزامهما بالخدمة العامة وانتماؤهما للعائلة الهاشمية، هناك فوارق جوهرية في حياتهما الشخصية، تعليمهما، مسيرتهما المهنية، وأدوارهما العامة. يتناول هذا التقرير عشرة فوارق رئيسية بين الأميرتين، مع التركيز على المعلومات الحصرية والمترابطة، لإبراز تفرد كل منهما ضمن سياق العائلة المالكة الأردنية



أولاً: تاريخ الميلاد والفارق العمري
الأميرة إيمان ولدت في 27 سبتمبر 1996، بينما ولدت الأميرة سلمى في 26 سبتمبر 2000، مما يعني أن الفارق العمري بينهما أربع سنوات. هذا الفارق العمري أثر على تجاربهما ومساراتهما الحياتية. إيمان، كونها الأكبر، كانت أول من دخل الأضواء العامة من الأختين، حيث بدأت مرافقة والديها في المناسبات الرسمية في سن مبكرة. أما سلمى، التي جاءت لاحقًا، فقد استفادت من تجربة أختها الكبرى، مما سمح لها بتطوير هوية عامة أكثر تحديدًا منذ البداية، خاصة في المجال العسكري. اللافت أن عيدي ميلادهما يفصل بينهما يوم واحد فقط، مما يجعل الاحتفالات العائلية، كما نشرت الملكة رانيا على إنستغرام، مناسبة مشتركة تعكس الترابط الأسري.
ثانيًا: التعليم الأكاديمي
تختلف الأميرتان في مساراتهما التعليمية. الأميرة إيمان أكملت دراستها الثانوية في الأكاديمية الدولية في عمان (IAA) عام 2014، ثم التحقت بجامعة جورجتاون في واشنطن لدراسة العلاقات الدولية بكلية إدموند أ. والش للخدمة الخارجية. لاحقًا، انتقلت إلى مدرسة بارسونز للتصميم في نيويورك، حيث حصلت على بكالوريوس في إدارة الأعمال بتخصص التصميم الاستراتيجي والإدارة. هذا المسار يعكس اهتمامها بالجمع بين الدبلوماسية والإبداع. في المقابل، الأميرة سلمى تخرجت من الأكاديمية الدولية في عمان عام 2018، ثم التحقت بجامعة جنوب كاليفورنيا، حيث حصلت في مايو 2023 على بكالوريوس في علم الآثار. اختيار سلمى لعلم الآثار يظهر شغفها بالتاريخ والثقافة، مما يتماشى مع تراث الأردن الغني بالمواقع الأثرية مثل البتراء وجرش.




ثالثًا: المسار العسكري
أحد أبرز الفوارق بين الأميرتين هو انخراط الأميرة سلمى في المجال العسكري، وهو مجال لم تدخله الأميرة إيمان. في نوفمبر 2018، تخرجت سلمى من الأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهيرست بالمملكة المتحدة، بعد إتمام دورة تدريبية قصيرة، لتصبح ملازمًا ثانيًا في القوات المسلحة الأردنية. في عام 2020، أصبحت أول امرأة طيار نفاث في القوات المسلحة الأردنية بعد إكمال تدريبها على الطائرات ذات الأجنحة الثابتة، وفي ديسمبر 2023، شاركت كملازم أول في رحلة مساعدات جوية لإعادة تزويد مستشفى ميداني أردني في غزة. هذه الإنجازات جعلتها رمزًا لتمكين المرأة في المجال العسكري. على النقيض، لم تسعَ إيمان إلى مسار عسكري، مفضلة التركيز على الأنشطة الخيرية والدبلوماسية.
رابعًا: الأدوار العامة والمشاركات الرسمية
تختلف الأميرتان في طبيعة وتكرار مشاركاتهما العامة. الأميرة إيمان، كونها الأكبر، كانت أكثر ظهورًا في المناسبات الرسمية خلال سنوات مراهقتها، حيث رافقت والديها في زيارات دولية إلى دول مثل اليابان، المملكة المتحدة، فرنسا، إيطاليا، والصين. تركز إيمان على دعم المبادرات المتعلقة بالتعليم، تمكين المرأة، وتنمية الشباب، كما شاركت مع والدتها الملكة رانيا في فعاليات مثل لقاء شباب عمان في جمعية بيت الورود عام 2024. أما الأميرة سلمى، فقد كانت مشاركاتها العامة أقل تكرارًا ولكن أكثر تحديدًا، خاصة في السياقات العسكرية والإنسانية. على سبيل المثال، افتتحت مركز تدريب النساء العسكريات في الزرقاء عام 2021 نيابة عن والدها، وشاركت في مظاهرات ضد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتسجيل القدس عاصمة لإسرائيل عام 2017.
خامسًا: الحياة الشخصية والزواج
في مارس 2023، تزوجت الأميرة إيمان من جميل ألكسندر ثيرميوتيس، وهو رجل أعمال من أصل يوناني ولد في كاراكاس عام 1994. أُقيم حفل الزفاف في قصر بيت الأردن في عمان، وفي يناير 2025، أُعلن أن الزوجين ينتظران مولودهما الأول. هذا الزواج جعل إيمان أولى أبناء الملك عبد الله الثاني التي تدخل مرحلة الزواج وتكوين أسرة، مما أضاف بُعدًا جديدًا لهويتها العامة. في المقابل، الأميرة سلمى لم تُعلن عن أي خطوبة أو زواج حتى الآن، ويبدو أن تركيزها ينصب على مسيرتها العسكرية والأكاديمية. هذا الاختلاف يعكس مراحل حياتهما المختلفة، حيث إيمان، كونها الأكبر، دخلت مرحلة الأمومة الوشيكة، بينما سلمى لا تزال في مرحلة بناء مسارها المهني.
سادسًا: الاهتمامات الشخصية
تُظهر الأميرتان اهتمامات شخصية متباينة. إيمان تُعرف بشغفها بالرياضة، حيث حصلت على جائزة أفضل رياضية في صفها عند تخرجها من الأكاديمية الدولية في عمان عام 2014. كما تدعم مبادرات عائلتها لتشجيع الشباب على ممارسة الرياضة، بالإضافة إلى اهتمامها بالأزياء والتصميم، كما يتضح من دراستها في بارسونز. أما سلمى، فاهتماماتها تميل نحو التاريخ وعلم الآثار، بالإضافة إلى شغفها بالطيران والخدمة العسكرية. هذه الاختلافات تعكس تنوع شخصياتهما، حيث تجمع إيمان بين الأناقة والرياضة، بينما تمزج سلمى بين الفكر الأكاديمي والعمل العسكري.
سابعًا: العلاقة مع وسائل الإعلام
تتمتع الأميرة إيمان بحضور إعلامي أكبر نسبيًا، خاصة بسبب زواجها الذي جذب اهتمامًا واسعًا. تُوصف إيمان بأنها تشبه والدتها الملكة رانيا في المظهر والأناقة، مما جعلها محط أنظار وسائل الإعلام في الأحداث الرسمية. على النقيض، الأميرة سلمى تحافظ على حضور إعلامي أقل، مع تركيز الإعلام عليها في سياق إنجازاتها العسكرية، مثل كونها أول طيارة نفاثة أردنية. هذا الاختلاف يعكس نهجهما المختلف في إدارة صورتهما العامة، حيث تظهر إيمان كشخصية دبلوماسية واجتماعية، بينما تُفضل سلمى الظهور في سياقات مهنية محددة.
ثامنًا: المشاركة في الأعمال الخيرية
كلتا الأميرتين تشاركان في الأعمال الخيرية، لكنهما تختلفان في مجالات تركيزهما. إيمان مهتمة بشكل خاص بالتعليم، تمكين المرأة، ودعم الأيتام، حيث شاركت في مشاريع توفر فرصًا دراسية للأطفال المحرومين. على سبيل المثال، رافقت والدتها في زيارات خيرية، مثل لقاء شباب عمان في جمعية بيت الورود. أما سلمى، فمشاركاتها الخيرية غالبًا ما ترتبط بالسياقات العسكرية والإنسانية، مثل مشاركتها في رحلة مساعدات جوية إلى غزة عام 2023. هذا الاختلاف يعكس مجالات نفوذ كل منهما، حيث تتجه إيمان نحو القضايا الاجتماعية، وسلمى نحو العمل الإنساني المرتبط بالخدمة العسكرية.
تاسعًا: الأدوار التمثيلية نيابة عن العائلة المالكة
الأميرة سلمى أظهرت نشاطًا بارزًا في تمثيل والدها الملك عبد الله الثاني في المناسبات الرسمية، مثل افتتاح مركز تدريب النساء العسكريات في الزرقاء عام 2021. هذه الأدوار تُبرز مكانتها كشخصية عسكرية مؤثرة. في المقابل، الأميرة إيمان، رغم مشاركتها في المناسبات الرسمية، لم تتولَ أدوارًا تمثيلية بنفس الدرجة، حيث تركزت مشاركاتها على مرافقة والديها أو المشاركة في فعاليات خيرية. هذا الفارق يعكس التخصص المهني لسلمى في المجال العسكري مقابل نهج إيمان الأكثر شمولية في الأدوار الاجتماعية.
عاشرًا: الإرث والتأثير المستقبلي
الأميرة إيمان، بزواجها ودخولها مرحلة الأمومة الوشيكة، تُرسي إرثًا يركز على الأناقة، الدبلوماسية، والعمل الخيري، مما يجعلها رمزًا للأميرة الحديثة التي تجمع بين التقاليد والمعاصرة. أما الأميرة سلمى، فإرثها يتمحور حول كسر الحواجز الجندرية في المجال العسكري، حيث ألهمت آلاف الفتيات الأردنيات بإنجازاتها كأول طيارة نفاثة. تأثير سلمى قد يمتد ليشمل تعزيز دور المرأة في القوات المسلحة، بينما قد يركز تأثير إيمان على تعزيز التعليم والتمكين الاجتماعي. هذا الاختلاف يُبرز كيف تساهم كل منهما في تشكيل صورة العائلة المالكة بطريقة فريدة.
خاتمة
الأميرة إيمان والأميرة سلمى، ابنتا الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا، تتشاركان في الالتزام بخدمة الأردن والانتماء للعائلة الهاشمية، لكنهما تختلفان في العديد من الجوانب، من التعليم والمسار المهني إلى الأدوار العامة والحياة الشخصية. إيمان تُجسد الأناقة والدبلوماسية مع تركيز على العمل الخيري والتعليم، بينما سلمى تُمثل الريادة في المجال العسكري وشغفًا بالتاريخ والثقافة. هذه الفوارق تعكس تنوع الأدوار التي تلعبها النساء في العائلة المالكة الأردنية، وتُبرز قدرتهما على إلهام الشباب الأردني بطرق مختلفة. مع استمرار تطور حياتهما، ستظل إيمان وسلمى رمزين للحداثة والتقاليد في المشهد الملكي الأردني.

vendredi 25 avril 2025

الإمبراطورة إليزابيث (سيسي): حياة مليئة بالجمال، القيود، والسياسات الصارمة

 إليزابيث، المعروفة بلقب "سيسي"، إمبراطورة النمسا وملكة المجر .. تُعدّ واحدة من أكثر الشخصيات التاريخية إثارة للاهتمام في القرن التاسع عشر. وُلدت الدوقة إليزابيث أمالي أوجيني في بافاريا، وأصبحت إمبراطورة بالزواج من الإمبراطور فرانز جوزيف الأول في سن السادسة عشرة. اشتهرت بجمالها الأسطوري، وهوسها بالحفاظ على مظهرها من خلال نظام غذائي قاسٍ وروتين صارم للعناية بالشعر والجسم. كما كان لها دور سياسي بارز، خاصة في تعزيز العلاقات مع المجر، مما أدى إلى إنشاء الإمبراطورية النمساوية-المجرية عام 1867. لكن حياتها لم تكن مجرد بريق الجمال والسلطة؛ فقد عانت من قيود البلاط الإمبراطوري، وفقدان الأحباء، وصراعات داخلية جعلتها رمزًا للتناقض بين الحرية الشخصية والواجب الملكي. يتناول هذا التقرير حياة سيسي، مع التركيز على هوسها بالجمال، سياساتها الصارمة للعناية بمظهرها، دورها السياسي، وتأثيرها الثقافي



أوَّلًا النشأة والزواج: بداية حياة مقيدة 

وُلدت إليزابيث في 24 ديسمبر 1837 في ميونيخ، ضمن عائلة ويتيلسباخ البافارية الملكية. نشأت في بيئة غير رسمية نسبيًا، حيث كانت تحب ركوب الخيل، الطبيعة، والحياة البسيطة بعيدًا عن التقاليد الملكية الصارمة. هذه الحرية شكلت شخصيتها المنفتحة والمتمردة، لكنها اصطدمت بواقع مختلف عند زواجها من فرانز جوزيف الأول عام 1854. كانت إليزابيث في السادسة عشرة فقط، ولم تكن مستعدة للحياة الرسمية في بلاط هابسبورغ في فيينا. وجدت نفسها محاصرة ببروتوكولات صارمة وتوقعات ثقيلة، خاصة من حماتها، الأرشيدوقة صوفي، التي سيطرت على حياتها وحتى تربية أطفالها



أنجبت إليزابيث أربعة أطفال: صوفي (توفيت في طفولتها)، جيزيلا، رودولف، وماري فاليري. خسارة ابنتها صوفي في سن الثانية كانت صدمة كبيرة لها، وأثّرت على علاقتها بالبلاط. كما عانت من الضغوط النفسية والجسدية، مما دفعها للهروب إلى المجر في كثير من الأحيان، حيث وجدت بيئة أكثر استرخاءً وتقبلاً لشخصيتها. هذه الزيارات مهدت لعلاقتها العميقة مع الشعب المجري، وهو ما أثر لاحقًا على دورها السياسي

ثانِيًا هَوَس الجمال: الجوع من أجل الكمال

اشتهرت إليزابيث بجمالها اللافت، الذي كان مزيجًا من ملامحها الطبيعية وجهودها المضنية للحفاظ عليه. كانت مهووسة بالحفاظ على قوامها النحيف، حيث لم يتجاوز وزنها 47 كجم طوال حياتها، رغم طولها البالغ 172 سم. اتبعت نظامًا غذائيًا قاسيًا، غالبًا ما اقتصر على الحليب، عصير البرتقال، أو "ماء اللحم" (مرق خفيف). في بعض الأيام، كانت تتناول القليل جدًا من الطعام، مما يُعتبر اليوم شكلاً من أشكال اضطراب الأكل. كانت هذه الحمية تهدف إلى الحفاظ على خصرها النحيف الشهير، الذي لم يتجاوز 50 سم، وكانت ترتدي الكورسيهات الضيقة لتعزيز هذا المظهر.


لم تكن إليزابيث تحب المكياج أو العطور القوية، مفضلة إبراز جمالها الطبيعي. لكنها استخدمت العديد من مستحضرات التجميل الطبيعية، مثل أقنعة الوجه المصنوعة من المكونات البسيطة، وكانت تُجرّب منتجات مُعدّة خصيصًا في صيدلية البلاط. كما كانت تخشى علامات التقدم في السن، فتجنبت التصوير الفوتوغرافي بعد سن الثلاثين، وكانت تخفي وجهها خلف مظلة أو مروحة. هذا الهوس بالجمال لم يكن مجرد نزوة، بل كان وسيلة للتعبير عن هويتها في عالم شعرت فيه بالاختناق.

ثالِثًا العناية بالشعر: تاجُ سيسي الحقيقي!

كان شعر إليزابيث، الذي وصل إلى كاحليها، أحد أبرز سمات جمالها. كانت تعتني به بعناية فائقة، حيث استغرق تمشيطه وتصفيفه ساعتين يوميًا. استخدمت خلطات خاصة مثل البيض والكونياك والعسل لتغذيته وإضفاء اللمعان عليه. كان شعرها ثقيلًا لدرجة أنه تسبب أحيانًا في الصداع، وكانت تستخدم نجمات شعر مرصعة بالألماس واللؤلؤ لتزيينه، صنعتها صائغ المجوهرات إي. إي. كوشيرت. في إحدى تصريحاتها، قالت إليزابيث إن تصفيف شعرها يُبقي عقلها "خاملًا"، مما يعكس الصراع الداخلي بين رغبتها في الحفاظ على جمالها والشعور بأن ذلك يُضعفها فكريًا.


كانت عملية تصفيف الشعر طقسًا يوميًا، حيث كانت تجلس على طاولة مغطاة بقماش أبيض، وشعرها ملفوف حول جسدها. هذه العناية المفرطة جعلت شعرها رمزًا للأنوثة والقوة، لكنه كان أيضًا عبئًا نفسيًا وجسديًا. أهدت إليزابيث بعض نجمات شعرها لوصيفاتها، وبعضها تناقلته العائلة عبر الأجيال، مما يُظهر أهمية هذا الجانب من شخصيتها.


رابِعًا اللياقة البدنية: روتين صارم للجسم!

إلى جانب نظامها الغذائي، كانت إليزابيث رياضية متحمسة. مارست ركوب الخيل، السباحة، وتمارين اللياقة البدنية يوميًا، وكانت تُعتبر أفضل فارسة في عصرها. كانت تمشي لمسافات طويلة، وأحيانًا كانت خادماتها يتبعنها بعربة لعدم قدرتهن على مجاراتها. أقامت صالات رياضية في قصورها، مزودة بمعدات مثل الحلقات والأوزان، وهو أمر غير معتاد لامرأة في تلك الفترة. كانت هذه الرياضات وسيلة للحفاظ على قوامها، ولكنها أيضًا تعبير عن رغبتها في التحرر من قيود البلاط.


كانت إليزابيث تتجنب الأطعمة الثقيلة، لكنها سمحت لنفسها باستثناءات نادرة، مثل الآيس كريم البنفسجي من ديميل، وكعكة زاخر الشهيرة من فندق زاخر في فيينا. هذه الاستثناءات كانت لحظات نادرة من المتعة في حياة مليئة بالانضباط الصارم

خامِسًا الدور السياسي: ملكة المجَرّ المحبوبة !

على الرغم من هوسها بالجمال، كانت إليزابيث شخصية سياسية مؤثرة. طورت علاقة عميقة مع المجر، على عكس حماتها صوفي التي احتقرت المجريين. تعلمت إليزابيث اللغة المجرية، وأظهرت تعاطفًا مع الشعب المجري، مما جعلها محبوبة لديهم. لعبت دورًا حاسمًا في التفاوض على إنشاء النظام الملكي المزدوج للنمسا-المجر عام 1867، والذي منح المجر استقلالًا نسبيًا ضمن الإمبراطورية. هذا الإنجاز عزز مكانتها كملكة محبوبة، وما زالت صورها تُزين المنازل المجرية حتى القرن العشرين، كما وصف الكاتب باتريك لي فيرمور عام 1934.


كانت إليزابيث تُفضل قضاء الوقت في المجر على فيينا، حيث شعرت بحرية أكبر. هذا الارتباط العاطفي والسياسي جعلها رمزًا للوحدة بين النمسا والمجر، رغم أنها لم تكن مهتمة كثيرًا بالسياسة اليومية. كانت ترى دورها كجسر ثقافي وسياسي، وهو ما عزز إرثها في المجر.


سادِسًا الحياة الشخصية: بين الحزن والتمرد!

على الرغم من مكانتها، كانت حياة إليزابيث مليئة بالمآسي. وفاة ابنتها صوفي، انتحار ابنها رودولف عام 1889، واغتيالها عام 1898 على يد أناركي إيطالي في جنيف، كلها أحداث شكلت حياتها. كانت تعاني من الاكتئاب والشعور بالعزلة، خاصة بعد سيطرة حماتها على أطفالها. علاقتها بفرانز جوزيف كانت معقدة؛ فقد أحبها بشدة، لكنها شعرت دائمًا بأنها محبوسة في قفص ذهبي.

هربت إليزابيث من هذه الضغوط بالسفر المتكرر، خاصة إلى اليونان وكورفو، حيث بنت قصر أخيليون ليعكس حبها للثقافة اليونانية. كتبت الشعر، وأعربت عن مشاعرها في قصائد تعكس حزنها وشوقها للحرية. كانت شغوفة بالثقافة، وتأثرت بشخصيات مثل هاينريش هاينه.

سابعًا الاغتيال والنهاية المأساوية!

في 10 سبتمبر 1898، أُغتيلت إليزابيث في جنيف على يد لويجي لوكيني، أناركي إيطالي، الذي طعنها بسكين رفيعة. لم تشعر إليزابيث بالإصابة في البداية، لكنها توفيت بعد ساعات. كان اغتيالها صدمة لأوروبا، خاصة لفرانز جوزيف الذي تأثر بشدة. دفنت في كنيسة الكبوشيين في فيينا، وأصبحت رمزًا للجمال والمأساة.

ألهمت إليزابيث العديد من الأعمال الفنية، بما في ذلك سلسلة أفلام سيسي الشهيرة بطولة رومي شنايدر، والمسلسل التلفزيوني "الإمبراطورة" (2022). تمثالها في كورفو وقصر أخيليون ما زالا يجذبان الزوار. كما أن قصتها تُروى كرمز للصراع بين الجمال والواجب، مما جعلها أيقونة ثقافية.

أخيرًا

إليزابيث، أو سِيسي، كانت شخصية معقدة، جمعت بين الجمال الأسطوري، الانضباط القاسي، والروح المتمردة. نظامها الصارم للعناية بشعرها وجسدها عكس هوسها بالكمال، لكنه كان أيضًا وسيلة للهروب من قيود البلاط. دورها السياسي في المجر عزز إرثها، لكن مآسيها الشخصية جعلتها رمزًا للتناقض بين الحرية والواجب. تبقى سيسي واحدة من أكثر الشخصيات إلهامًا في التاريخ الأوروبي.




سيدات تونس الأوائل: زوجات الرؤساء منذ الاستقلال إلى اليوم

 تُعدّ سيدة تونس الأولى، وهي زوجة رئيس الجمهورية التونسية، شخصية رمزية تؤدي دورًا بروتوكوليًا في قصر قرطاج وخلال الزيارات الرسمية، رغم أنها لا تحمل لقبًا رسميًا ولا تتمتع بمهام دستورية محددة. منذ استقلال تونس في 20 مارس 1956، تعاقب على رئاسة الجمهورية سبعة رؤساء، رافقهم ثماني سيدات أوليات، بعضهن تركن بصمة واضحة في المشهد السياسي والاجتماعي التونسي، بينما آثرت أخريات الابتعاد عن الأضواء. هذا التقرير يستعرض مسيرة كل سيدة أولى، دورها، تأثيرها، والسياق التاريخي الذي عاشت فيه، بدءًا من عهد الحبيب بورقيبة حتى الرئيس الحالي قيس سعيّد



أوّلًا . موفيدا بورقيبة  سيدة تونس الأولى بين (1956 و 1962).

كانت موفيدا بورقيبة، المولودة باسم ماتيلد لوران عام 1890، أول سيدة أولى في تونس المستقلة. تزوجت من الحبيب بورقيبة في 1940، قبل الاستقلال، وكانت رفيقة دربه خلال نضاله ضد الاستعمار الفرنسي. كانت موفيدا فرنسية الجنسية، مما أثار جدلًا في الأوساط الوطنية آنذاك، لكنها اختارت الانحياز للقضية التونسية، ودعمتْ بورقيبة في مسيرته السياسية. بعد الاستقلال، أصبحتْ سيدة تونس الأولى رسميًا عندما أُعلن بورقيبة رئيسًا في 25 جويلية 1957، بعد إلغاء النظام الملكي الحسيني.

لم تكن موفيدا شخصية عامة بارزة، إذ فضّلت البقاء بعيدة عن الأضواء، لكنها كانت رمزًا للدعم العائلي لبورقيبة في مرحلة بناء الدولة الحديثة. ساهمت بشكل غير مباشر في دعم سياسات زوجها، خاصة تلك المتعلقة بحقوق المرأة، مثل إصدار مجلة الأحوال الشخصية في 1956، التي منحتْ المرأة التونسية حقوقًا غير مسبوقة في العالم العربي، مثل المساواة في الزواج والطلاق وحظر تعدد الزوجات. انتهى زواجها من بورقيبة بالطلاق في 1961، بعد أن أنجبتْ لبورقيبة ابنه الحبيب الابن . توفيت موفيدا في  1976 ، تاركة إرثًا هادئًا كأول سيدة أولى في تونس.

و كان بورقيبة يزور زوجته الأولى التي حافظت على وِدِّها له إلى أن تُوفيت ودفنت في تربة آل بورقيبة في مدينة المنستير.

ثانِيًا وسيلة بن عمار سيدة تونس الأولى بين (1962 و 1986) .

وسيلة بن عمار، المولودة في 1912 ، أصبحت سيدة تونس الثانية عندما تزوّجتْ من الحبيب بورقيبة في 1962.تزوّجها في 12 أفريل 1962 بعد أن طلّق كل واحد منهما قرينه السابق، حيث أن القانون التونسي يمنع تعدد الزوجات. وقد عاشت معه أكثر من أربعة وعشرين عاما كانت تلقب خلالها بـالماجدة. كانت وسيلة ابنة عائلة تونسية ميسورة، ونشأت في بيئة متفتحة. لعبتْ وسيلا دورًا بارزًا في الحياة السياسية، خاصة مع تقدّم بورقيبة في السنّ وتدهور صحّته. كانت تُعرف بقوتها وتأثيرها الكبير، حتى أن البعض وصفها بـ"المرأة الأقوى في العالم العربي" في الثمانينيات.

خلال فترة رئاسة بورقيبة، التي امتدت من 1957 إلى 1987، شهدت تونس تحولات اجتماعية واقتصادية كبيرة، وكانت وسيلة داعمة لسياسات زوجها في مجال تحرير المرأة. لكن تأثيرها لم يخلُ من الجدل؛ فقد اتهمت بالتدخل المباشر في الشؤون السياسية، بما في ذلك تعيين وإقالة مسؤولين كبار، وفرض نفوذها على قرارات الدولة. من أبرز المواقف التي اشتهرت بها معارضتها لاتفاق الوحدة بين تونس وليبيا في 1974، والذي وقّع في جزيرة جربة، حيث رأت أن هذا الاتفاق قد يهدد سيادة تونس.

استمر زواجها من بورقيبة حتى 1986، عندما طلقها بعد أن أصبحت علاقتهما متوترة بسبب نفوذها المتزايد وسوء إدارة بعض الملفات السياسية. هاجرت وسيلة إلى باريس بعد الطلاق، وابتعدت عن الحياة العامة. توفيت في 1999، لكنها تظل واحدة من أكثر السيدات الأوليات تأثيرًا في تاريخ تونس، رغم الآراء المتباينة حول دورها.

ثالِثًا. نعيما الكافي سيدة تونس الأولى بين(1987و 1988) ..

بعد عزْل الحبيب بورقيبة في 7 نوفمبر 1987 بسبب تدهور حالته الصحية، تَولَّى زين العابدين بن علي الرئاسة. كانت نعيما الكافي، التي تزوجها بن علي في 1964، سيدة تونس الأولى الأولى في عهده. كانت نعيمة أُمًا لثلاث بنات من بن علي، لكن دورها كسيدة أولى كان محدودًا للغاية، حيث لم تظهر بشكل بارز في المشهد العام.

في تلك الفترة، كان بن علي يسعى لتثبيت سلطته بعد "الانقلاب الطبي" على بورقيبة، وكانت الأولوية لتعزيز صورته كرئيس إصلاحي. لم تُعرف نعيمة بأي نشاط سياسي أو اجتماعي ملحوظ، وسرعان ما انتهى زواجها من بن علي بالطلاق في 1988، بعد أقل من عام من توليه الرئاسة. ابتعدت نعيمة عن الأضواء تمامًا بعد ذلك، ولم تترك أثرًا كبيرًا كسيدة أولى، لكنها تُعدّ جزءًا من المرحلة الانتقالية في تاريخ تونس السياسي.

رابِعًا. ليلى الطرابلسي سيدة تونس الأولى بين(1992 و 2011) ..

تُعدّ ليلى الطرابلسي، زوجة زين العابدين بن علي الثانية، واحدة من أكثر السيدات الأوليات إثارة للجدل في تاريخ تونس. تزوجتْ من بن علي في 1992، وأصبحت سيدة تونس الأولى حتى فرارهما من البلاد في 14 جانفي 2011 إثر الثورة التونسية. كانت ليلى، المولودة في 1957، ابنة عائلة متواضعة قبل زواجها من بن علي. أنجبت منه ثلاثة أبناء، وسرعان ما أصبحت رمزًا للسلطة والنفوذ.

خلال فترة حكم بن علي، التي امتدت لـ23 عامًا، شهدت تونس استقرارًا نسبيًا على المستوى الاقتصادي، لكن النظام اتُّهم بتفشي الفساد والقمع. كانت ليلى في قلب هذه الاتهامات، حيث أدارت مع عائلتها، المعروفة بـ"عائلة الطرابلسي"، شبكة واسعة من الأعمال التجارية، وسيطرت على قطاعات اقتصادية حيوية. اتهمت بالتدخل المباشر في شؤون الدولة، وفرض نفوذها على القرارات السياسية والاقتصادية، مما جعلها مكروهة من الشعب التونسي.

بعد الثورة، فرّت ليلى مع زوجها إلى المملكة العربية السعودية، حيث لا يزالان يعيشان هناك حتى اليوم (أفريل 2025). تركت ليلى إرثًا سلبيًا كسيدة أولى، حيث أصبحت رمزًا للفساد والاستبداد، وكان دورها أحد العوامل التي أشعلت غضب التونسيين ضد نظام بن علي.



 خامِسًا .لِيلِيَا المْبَزَّعْ سيدة تونس الأولى في (2011)


عندما تَولَّى فؤاد المْبَزَّعْ الرئاسة المؤقتة بعد فرار بن علي في 14 جانفي 2011، أصبحت زوجته لِيلِيَا المْبَزَّعْ سيدة تونس الأولى. استمر حكم المبزع حتى 13 ديسمبر 2011، وكان دوره انتقاليًا لتهيئة البلاد لانتخابات ديمقراطية. لم تكن لِيلِيَا شخصية عامة بارزة، ولم يُعرف عنها أي نشاط سياسي أو اجتماعي خلال هذه الفترة القصيرة.


كانت تونس في تلك المرحلة تعيش حالة من الفوضى والتحولات الكبرى بعد الثورة، وكان التركيز منصبًا على إعادة بناء المؤسسات الديمقراطية. لِيلِيَا مثل زوجها، لم تترك بصمة واضحة كسيدة أولى، لكن وجودها كان رمزيًا في مرحلة انتقالية حساسة.


سادِسًا . بياتريس راين سيدة تونس الأولى بين (2011 و 2014).


بعد انتخاب منصف المرزوقي رئيسًا مؤقتًا في 13 ديسمبر 2011، أصبحت زوجته الطبيبة الفرنسية  بياتريس راين سيدة تونس الأولى. استمر حكم المرزوقي حتى 31 ديسمبر 2014، وكان عهده جزءًا من المرحلة الانتقالية بعد الثورة. بياتريس فضّلَتْ الابتعاد عن الأضواء، لكنّها دعمتْ زوجها في جهوده لتثبيت الديمقراطية في تونس.


اختارت بياتريس أن تُرَكز على حياتها المهنية بعيدًا عن الساحة السياسية، ولم تظهر إلى جانب زوجها الرئيس منصف المرزوقي إلا بعد مرور عامين على توليه الرئاسة. كانت أول ظهور علني لها في 4 يوليو 2013، خلال زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند وزوجته فاليري تريفلير إلى تونس، حيث رافقت زوجها في حفل استقبالهما. كما ظهرت مرة أخرى في 14 أغسطس 2015، عندما رافقت المرزوقي إلى فرنسا للمشاركة في إحياء الذكرى السبعين لعملية دراغون في مدينة تولون.


بياتريس لم تكن نشطة سياسيًا، لكنها كانت رمزًا للاستقرار العائلي للمرزوقي خلال فترة مضطربة. بعد انتهاء ولاية زوجها، عادت بياتريس إلى حياتها المهنية بعيدًا عن السياسة.




سابِعًا. شاذليّا السِّبسي  سيدة تونس الأولى بين (2014 و 2019) ..


عندما توَلَّى الباجي قائد السِّبسي الرئاسة في 31 ديسمبر 2014، أصبحت زوجته شاذلِيّا السِّبسي سيدة تونس الأولى.وهي محامية وسياسية تونسية.. كان السبسي أول رئيس منتخب ديمقراطيًا بعد الثورة، واستمر حكمه حتى وفاته في 25 جويلية 2019. شاذلِيّا ، المولودة في 1937، كانت أُمًا لأربعة أبناء، وكانت معروفة بأناقتها ودعمها الهادئ لزوجها.


خلال فترة حكم السِّبسي، شهدتْ تونس تقدُّمًا في تعزيز حقوق المرأة، مثل إقرار قانون مكافحة العنف ضد المرأة في 2017، والسماح للمرأة التونسية بالزواج من غير المسلم. شاذليّا السِّبسي لم تتدخل بشكل مباشر في السياسة، لكنها كانت حاضرة في المناسبات الرسمية، وأدّت دورًا بروتوكوليًا بكفاءة. ورَدَ أنها لم تكن مرتاحة لفكرة الانتقال إلى قصر قرطاج الرئاسي بسبب بُعده عن أسرتها.  لكنها تُذكر كسيدة أولى أنيقة ومتواضعة.تُوُفيت شاذليّا السِّبسي  إثر نوبة قلبية في 15 سبتمبر 2019 عن عمر ناهز 83 عامًا، وذلك بعد أقل من شهرين من وفاة زوجها، وفي نفس اليوم الذي جرت فيه الانتخابات الوطنية لاختيار خليفة دائم للرئيس السبسي.


ثامِنًا. إشراف سْعَيِّدْ سيدة تونس الأولى منذ 2019 و حتّى اليوم)..


مع تَوَلِّي قيس سْعَيِّدْ الرئاسة في 23 أكتوبر 2019، أصبحت زوجته إشراف سْعَيِّدْ سيدة تونس الأولى . إشراف، وهي قاضية وأستاذة جامعية، معروفة بشخصيتها المستقلة وابتعادها عن الأضواء. لم تظهر إشراف بشكل كبير في المناسبات العامة، مفضلة التركيز على عملها المهني وعائلتها.


خلال فترة حكم قيس سعيّد، واجهت تونس تحديات سياسية واقتصادية كبيرة، خاصة بعد قرارات 25 جويلية 2021، التي تضمنت تجميد البرلمان وتعديل الدستور. إشراف لم تتدخل في هذه الأحداث، لكن وجودها كسيدة أولى يعكس اختيار سْعَيِّدْ للحفاظ على صورة عائلية بعيدة عن التدخل السياسي. حتى اليوم، تظل إشراف رمزًا للتواضع والابتعاد عن السلطة.


أخيرًا منذ الاستقلال إلى اليوم، لعبتْ سيدات تونس الأوائل أدوارًا متنوعة، بعضهن كنّ مؤثرات بشكل مباشر مثل وسيلة بن عمار وليلى الطرابلسي، بينما آثرت أخريات الابتعاد عن الأضواء. تعكس مسيرة هؤلاء السيدات تطور المشهد السياسي والاجتماعي في تونس، من مرحلة بناء الدولة الحديثة إلى التحولات الديمقراطية بعد الثورة. على الرغم من غياب دور دستوري محدد للسيدة الأولى، فإن تأثيرها يبقى مرتبطًا بشخصيتها وسياق عهد زوجها، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من تاريخ تونس المعاصر.

samedi 12 avril 2025

السيدة معاني بنت عبد الله البوسعيدية: أخت السيدة الجليلة عهد في عمان

 تُعد السيدة معاني بنت عبد الله بن حمد البوسعيدية شخصية بارزة في المجتمع العماني، لا سيما بفضل ارتباطها العائلي بالسيدة الجليلة عهد بنت عبد الله البوسعيدية، زوجة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عمان. على الرغم من أن السيدة معاني ليست في دائرة الضوء بنفس القدر الذي تتمتع به أختها، إلا أنها تترك بصمة مميزة من خلال عملها المهني ومساهمتها في تعزيز العلاقات الدولية والمجتمعية في سلطنة عمان. في هذا التقرير، سنستعرض حياة السيدة معاني، نشأتها، مسيرتها المهنية، دورها في المجتمع، وعلاقتها بأختها السيدة الجليلة عهد، مع التركيز على الفوارق والتشابهات بينهما، وذلك في إطار منظم يعكس أهمية هذه الشخصية في السياق العماني



أولًا: النشأة والخلفية العائلية
وُلدت السيدة معاني بنت عبد الله بن حمد البوسعيدية في محافظة مسقط، عاصمة سلطنة عمان، ضمن أسرة عريقة تنتمي إلى آل البوسعيد، الأسرة الحاكمة التي يعود نسبها إلى الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي، مؤسس الدولة البوسعيدية في القرن الثامن عشر. والدها، السيد عبد الله بن حمد البوسعيدي، كان شخصية بارزة شغل منصب وكيل وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية، إضافة إلى كونه محافظًا سابقًا لمحافظة مسندم. هذه الخلفية العائلية المرموقة وفرت لمعاني بيئة غنية بالقيم العمانية الأصيلة، مع التركيز على التعليم والخدمة العامة.
نشأت معاني إلى جانب أختها السيدة الجليلة عهد في بيئة تجمع بين التقاليد العمانية العريقة والانفتاح على العالم الخارجي. تلقت تعليمها الأولي في مدارس السلطنة، حيث أظهرت شغفًا بالتعلم والتطوير الذاتي. على الرغم من عدم وجود معلومات مفصلة عن مسارها الأكاديمي مقارنة بأختها عهد، التي درست علم الاجتماع في الخارج، إلا أن معاني تميزت باهتمامها بالشؤون الإدارية والتنظيمية، مما مهد الطريق لمسيرتها المهنية في وقت لاحق. هذه النشأة المشتركة مع أختها عززت من الروابط العائلية بينهما، لكن كل منهما اختارت مسارًا مختلفًا للتعبير عن طموحاتها.
ثانيًا: المسيرة المهنية
برزت السيدة معاني بنت عبد الله البوسعيدية كشخصية مهنية من خلال عملها في القطاع الحكومي العماني، حيث شغلت منصب مديرة دائرة شؤون المجالس والتعاون الدولي في وزارة الخدمة المدنية منذ فبراير 2019. هذا المنصب يعكس دورها في تعزيز التنسيق بين المؤسسات الحكومية والمجالس الدولية، فضلاً عن دعم التعاون الدولي في المجالات الإدارية والتنموية. يُظهر اختيارها لهذا الدور قدرتها على الجمع بين المهارات القيادية والرؤية الاستراتيجية، وهي صفات تتماشى مع القيم التي تربت عليها في أسرتها.
على عكس أختها السيدة الجليلة عهد، التي تُركز على العمل الإنساني والاجتماعي من موقعها كزوجة السلطان، اختارت معاني مسارًا مهنيًا أكثر تخصصًا في الإدارة العامة. عملها في وزارة الخدمة المدنية يركز على تحسين الكفاءة الإدارية ودعم العلاقات الدولية، مما يساهم في تعزيز مكانة عمان كدولة حديثة تسعى للتوازن بين التقاليد والتطور. هذا الاختيار يعكس شخصية معاني كامرأة تسعى لإحداث تأثير مباشر من خلال عملها المؤسسي، بعيدًا عن الأضواء التي غالبًا ما ترافق الشخصيات المرتبطة بالعائلة الحاكمة.
ثالثًا: العلاقة مع السيدة الجليلة عهد
تُعد العلاقة بين السيدة معاني وأختها السيدة الجليلة عهد إحدى الركائز الأساسية التي تُبرز أهمية معاني في السياق العماني. كون معاني أخت السيدة الأولى للسلطنة يضعها في موقع خاص، حيث تجمعها بأختها روابط عائلية وثقافية قوية. تشترك الشقيقتان في القيم ذاتها التي تربيا عليها، مثل احترام التقاليد العمانية، الاهتمام بالتعليم، والالتزام بالخدمة العامة. ومع ذلك، تختلف أدوارهما بشكل واضح: بينما تتولى عهد دورًا رمزيًا وإنسانيًا كزوجة السلطان، تفضل معاني العمل خلف الكواليس في مجال الإدارة والتنظيم.
تُظهر التقارير أن السيدة الجليلة عهد تُولي اهتمامًا كبيرًا بالعمل الخيري والاجتماعي، مثل رعاية قافلة "عهد الخير" لدعم الأسر المتضررة، وتكريم النساء العمانيات المتميزات. في المقابل، تُركز معاني على دعم المبادرات الدولية والتنسيق المؤسسي، مما يعكس تكاملًا بين دوريهما. هذا التكامل يعزز من صورة الأسرة البوسعيدية كأسرة تساهم في نهضة عمان بطرق متنوعة، سواء من خلال الأعمال الإنسانية أو الإدارية.




رابعًا: الدور المجتمعي والتأثير
على الرغم من أن السيدة معاني لا تظهر بشكل بارز في وسائل الإعلام مقارنة بأختها، إلا أنها تلعب دورًا مجتمعيًا مهمًا من خلال عملها المهني. منصبها كمديرة دائرة شؤون المجالس والتعاون الدولي يتيح لها المساهمة في تعزيز العلاقات بين عمان والدول الأخرى، مما يساعد على تبادل الخبرات ودعم التنمية المستدامة. هذا الدور، وإن كان بعيدًا عن الأضواء، يُعد حيويًا في سياق عمان الحديثة التي تسعى لتعزيز مكانتها الدولية.
إضافة إلى ذلك، تُظهر معاني التزامًا بالقيم العمانية من خلال دعمها للمبادرات التي تعزز التعاون المجتمعي. على سبيل المثال، ارتبط اسمها بجمعية الصداقة العمانية السويسرية، حيث تُعتبر إحدى الداعمات لتعزيز العلاقات الثقافية والاجتماعية بين البلدين. هذا النوع من النشاط يعكس رؤيتها لأهمية بناء جسور التواصل بين الشعوب، وهو ما يتماشى مع السياسة العمانية التقليدية في الدبلوماسية الهادئة.
خامسًا: الفوارق والتشابهات مع السيدة الجليلة عهد
من أبرز الفوارق بين السيدة معاني وأختها السيدة الجليلة عهد هو طبيعة الدور الذي تلعبه كل منهما. بينما تُمثل عهد رمزًا وطنيًا كزوجة السلطان، مع التركيز على الأعمال الإنسانية والاحتفالات الوطنية مثل يوم المرأة العمانية، تُركز معاني على العمل المؤسسي والإداري. هذا الاختلاف يعكس تنوع الطموحات بين الشقيقتين: عهد تُجسد الصورة العامة للسلطنة من خلال حضورها الرسمي، بينما تُسهم معاني في بناء الأسس التنظيمية التي تدعم هذه الصورة.
ومع ذلك، هناك تشابهات واضحة بينهما. كلتاهما تنتمي إلى أسرة عريقة تحمل إرثًا تاريخيًا، وكلتاهما ملتزمتان بخدمة عمان، سواء من خلال العمل الإنساني أو الإداري. كما أن الشقيقتان تتشاركان في شغف التعليم والتطوير، حيث تُعرف عهد بحبها للقراءة في علم الاجتماع والتاريخ، بينما تُظهر معاني اهتمامًا بالتنظيم والعلاقات الدولية. هذه التشابهات تعزز من فكرة أن الأسرة البوسعيدية تُشكل نموذجًا للالتزام بالخدمة العامة بأشكال مختلفة.
سادسًا: التحديات والفرص
تواجه السيدة معاني، مثل أي شخصية مرتبطة بالعائلة الحاكمة، تحديات تتعلق بالتوازن بين دورها العام وحياتها الخاصة. كونها أخت السيدة الأولى يضعها تحت ضغط التوقعات العامة، حيث يُتوقع منها أن تُحافظ على صورة إيجابية تتماشى مع مكانة عائلتها. ومع ذلك، يبدو أن معاني نجحت في الابتعاد عن الأضواء المفرطة، مُركزة على عملها المهني بدلاً من السعي للظهور الإعلامي.
في الوقت ذاته، تتيح لها منصبها فرصًا كبيرة للتأثير. من خلال دورها في وزارة الخدمة المدنية، تستطيع معاني المساهمة في تحسين الأداء الحكومي وتعزيز التعاون الدولي، مما يُعزز من مكانة عمان كدولة حديثة. كما أن علاقتها بأختها تمنحها منصة غير مباشرة لدعم المبادرات الإنسانية والاجتماعية التي تُرعاها السيدة الجليلة، مما يخلق تكاملاً بين دورهما.
سابعًا: الإرث والتأثير المستقبلي
على الرغم من أن السيدة معاني ليست في صدارة المشهد العام مثل أختها، إلا أن إرثها يكمن في مساهمتها الهادئة في بناء عمان الحديثة. من خلال عملها في القطاع الحكومي، تُساعد معاني في تعزيز الكفاءة الإدارية والعلاقات الدولية، وهي أمور حيوية لاستدامة التنمية في السلطنة. دورها كمديرة دائرة شؤون المجالس والتعاون الدولي يُظهر التزامًا بالعمل الجاد والتفاني، مما يجعلها نموذجًا للمرأة العمانية الطموحة التي تسعى لتحقيق النجاح في القطاع العام.
في المستقبل، من المرجح أن تستمر معاني في لعب دور داعم لعمان من خلال عملها المؤسسي، وربما تتوسع مساهمتها لتشمل مبادرات أخرى تتماشى مع رؤية عمان 2040، التي تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة والابتكار. علاقتها بالسيدة الجليلة عهد قد تفتح أبوابًا لتعاون أكبر بين القطاعات الحكومية والمبادرات الإنسانية، مما يعزز من تأثيرهما المشترك.
الخاتمة
في الختام، تُمثل السيدة معاني بنت عبد الله البوسعيدية نموذجًا فريدًا للمرأة العمانية التي تجمع بين الالتزام بالتقاليد والطموح المهني. كأخت السيدة الجليلة عهد، تحتل معاني مكانة خاصة في المجتمع العماني، لكنها اختارت أن تُسهم في نهضة السلطنة من خلال عملها المؤسسي بدلاً من الظهور العام. من خلال منصبها في وزارة الخدمة المدنية، تُساعد معاني في بناء جسور التعاون الدولي وتحسين الكفاءة الإدارية، مما يعكس رؤيتها لعمان حديثة ومزدهرة. في الوقت ذاته، تُكمل علاقتها بأختها السيدة الجليلة عهد صورة أسرة بوسعيدية ملتزمة بخدمة الوطن بأشكال متنوعة، سواء من خلال العمل الإنساني أو الإداري. إرث معاني، رغم هدوئه، يُظهر أن التأثير الحقيقي يمكن أن يتحقق بعيدًا عن الأضواء، من خلال التفاني والعمل الجاد.