محلة زروق و التنكيل بأهل الساحل و صفاقس
في صائفة 1864 تم تجهيز محلة تحت قيادة أحمد زروق لاخماد انتفاضة الساحل و كانت تتركب من جنود نظاميين و عساكر زواوة ( 2600 رجل منهم 1600 من عسكر زواوة ) و 8 مدافع و كتيبة من المخازنية و بعد طول ترصد على تخوم هرقلة أصدر أحمد زروق يوم الخميس 6 أكتوبر 1864 الاذن لعساكره بالزحف على القلعة الصغرى . قاومت أهالي القلعة ببسالة و اشتد وطيس المعارك فشدد الجنود الخناق على القرية و رموا أسوارها بالمدافع فاندكت جوانبها و تسربت العساكر من الفتحات و دخلوا القرية عنوة فانتشرت عشرات الجثث في الشوارع و امتدت أيادي النهب إلى البيوت و خرج النسوة و الصبيان حفاة لاجئين إلى سوسة في حالة يرثى لها و سرت الأنباء في جميع أرجاء الساحل عن محنة القلعة الصغرى و كيف عاثت فيها أيادي النهب و السلب
و يوم 8 أكتوبر 1864 دخل أحمد زروق سوسة يجر وراءه الاسرى مكبلين بالاغلال و نال التعذيب شيوخا ونساء لم يشاركوا في الانتفاضة و أمر زروق بشنق " رؤوس التمرد " و رميهم بالرصاص و بذلت مكافأة مالية لمن يأتي برأس " الماشطة " و هو جندي أصيل البقالطة شق عصا الطاعة و تزعم التمرد فطوقت كوكبة من 100 فارس قرية البقالطة و تم أسر " الماشطة " يوم 16 أكتوبر 1864 و أعدم رميا بالرصاص مع الدهماني البرجي و ابن حفصية زعيم المساكنية . لم يكتف زروق بالجلد و الشنق و الرمي بالرصاص بل إن مراده كان جمع المال فعمد إلى تحرير قائمة في المبالغ المطلوبة من كل مدينة و قرية و جبايات 1864 و ضرائب السنة التي قبلها و قيمة الادءات القمرقية على الزيوت المباعة خفية بل و الثمن الكامل لها و فوق كل ذلك الغرامة الحربية أو ما يعرف بــــ" مصروف المحلة "
و كان على أهل الساحل أن يبيعوا كل ما يملكون من ديار و غروس زياتين و أمتعة و أدباش لخلاص ما عليهم فكانت عبارة عن مصادرة عامة للاملاك أهل الساحل و استعمل أحمد زروق في مصادرة الثروات أشنع وسائل التعذيب و مما يرويه الناس في الساحل أنه بلغت به القسوة إلى القاء الرجل في قعر الجب و يدلي الثعابين و الحيات فوق رأسه مهددا إياه باطلاقها عليه و التهديد بانتهاك الأعراض إن لم يرضى الأب أو الزوج بدفع المال
ثم غادرأحمد زروق سوسة و اتجه نحو المنستير و صفاقس ففرض على السواسي 700 جملا و على المثاليث 1200 ناقة و 500 قفيز شعير و طالبهم بمده بــــ600 فارس و في يوم 9 أفريل 1865 حل عساكر زروق بصفاقس فاعدم فيها " المشري " شنقا و حكم على الصفاقسية أن يدفعوا 4.500.000 ريال و ما يزيد عن مليون للأوروبيين تعويضا عن عما لحقهم من نهب . و اضطر أهالي صفاقس إلى الاقتراض من المرابين بفوائض تبلغ أصل القرض سنويا فأصبحت العقارات كلها مرهونة لدى الانقليز و الايطاليين . لم يطل مكوث أحمد زروق بصفاقس إذ بعد سلب ثروتها توجه بجميع عساكره إلى العاصمة فوصل في 30 جوان 1865 و معه أكثر من 500 أسير و لم يبق لدى دافعي الضرائب المساكين " لا ظهر فيركب و لا لبن فيحلب" على حد تعبير ابن أبي الضياف
الصورة المصاحبة هي لمحمد الصادق باي في توديع محلة الساحل قبل خروجها من العاصمة
0 commentaires:
Publier un commentaire